التهريب يهدد الأسواق العالمية: كيف يحارب الوعي الاستهلاكي الخطر؟
تشكل التجارة غير المشروعة تهديدًا متصاعدًا للاقتصادات العالمية وصحة الأفراد، إذ لم تعد تقتصر على تهريب السلع الكمالية، بل طالت المواد الأساسية كالأدوية، الأغذية، السجائر، والأجهزة الإلكترونية. هذه التجارة تؤدي إلى انخفاض العائدات الضريبية، مما ينعكس سلبًا على تمويل الخدمات العامة ويعمّق فجوة التنمية بين الدول.
تواجه الحكومات صعوبات في التصدي لهذه الظاهرة، خاصة مع تطور أدوات التهريب الإلكتروني وضعف تطبيق القوانين، ما سمح بتنامي شبكات فساد معقدة تستغل الثغرات القانونية والحدود الجغرافية.
في هذا السياق، يبرز الوعي الاستهلاكي كأداة محورية للحد من انتشار السلع المهربة، فكلما زاد إدراك المستهلك لأضرار هذه المنتجات، تراجع الطلب عليها. وعندما يُحسن المواطن اختيار المنتجات القانونية ويدرك المخاطر الصحية والاقتصادية للمهربات، تتراجع فرص نمو هذه التجارة غير الشرعية.
وقد نجحت العديد من الدول في إطلاق حملات توعية جماهيرية. ففي المملكة المتحدة، ساعدت الإعلانات الرقمية والتلفزيونية في خفض شراء السجائر المهربة بنسبة 15% خلال عام واحد فقط. وفي الولايات المتحدة، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز وعي المستهلك حول الفرق بين المنتج الأصلي والمقلد.
وفي دراسة أجرتها سامانثا فيلبي بجامعة كيب تاون، تبين أن حظر التبغ في جنوب أفريقيا لم يمنع المستهلكين من الشراء، بل زاد الأسعار وعزز السوق السوداء لصالح شركات محلية مثيرة للجدل، ما يكشف عن تعقيدات السياسات غير المدروسة.
في المحصلة، فإن محاربة التجارة غير المشروعة تتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والمستهلكين، مع التركيز على حملات التوعية التي تغيّر سلوك الشراء وتحد من انتشار الأسواق السوداء