أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

آخر الأخبار

الجمود السياسي في فرنسا يعمّق أزمة التدخين ويعرقل تبني البدائل الآمنة

 

الجمود السياسي في فرنسا يعمّق أزمة التدخين ويعرقل تبني البدائل الآمنة

الجمود السياسي في فرنسا يعمّق أزمة التدخين ويعرقل تبني البدائل الآمنة

في ظلّ تصاعد المخاطر الصحية الناتجة عن استمرار التدخين، وتراجع فعالية السياسات التقليدية في الحد منه، تبرز الحاجة الملحة في فرنسا إلى نهج أكثر واقعية وابتكاراً لمواجهة هذه الظاهرة.

ورغم أن العديد من الدول الأوروبية نجحت في خفض معدلات التدخين بفضل تبني بدائل أقل ضرراً مثل السجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين، لا تزال فرنسا من بين الدول الأعلى في معدلات التدخين بأكثر من 14 مليون مدخن يمثلون أكثر من 23% من السكان. هذا الواقع يعكس تمسك باريس بسياسات تقليدية جامدة تتجاهل النماذج الناجحة والتوصيات العلمية.

في المقابل، أثبتت تجارب بريطانيا، وإيطاليا، واليونان أن توفير بدائل مدروسة يمكن أن يسهم في تقليل الاعتماد على التبغ التقليدي وخفض نسب الأمراض المرتبطة به. وتبرز تجربة السويد كأنجح نموذج أوروبي، إذ ساهمت البدائل في خفض معدل التدخين إلى نحو 5% فقط، وتسجيل أدنى نسب للإصابة بسرطان الرئة في القارة.

ورغم وضوح هذه المؤشرات الإيجابية، تواصل فرنسا تشددها من خلال طرح مشروع قانون لحظر أكياس النيكوتين، على غرار الحظر المفروض على الأجهزة الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد. هذه القرارات لا تستند إلى بيانات علمية حديثة، بل تعكس استمراراً لسياسات قديمة أثبتت محدودية نتائجها.

ويأتي ذلك في وقت يناقش فيه الاتحاد الأوروبي سبل تنظيم استخدام هذه المنتجات أو حظرها، وسط انقسام في المواقف بين الدول الأعضاء. وبينما تتحرك بعض الدول نحو تبني سياسات واقعية، تواصل فرنسا تجاهل الدعوات الداخلية والخارجية لإعادة النظر في نهجها، رغم تحذيرات علماء وبرلمانيين فرنسيين من أن الحظر الكامل يدفع المدخنين نحو السوق السوداء والمنتجات غير الخاضعة للرقابة.

وتشير تقارير علمية إلى أن النيكوتين ليس مادة مسرطنة وفق تصنيف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) وخدمة الصحة الوطنية البريطانية (NHS)، ما يجعل من الضروري أن تُبنى السياسات الصحية على الأدلة العلمية لا على المواقف الأيديولوجية.

كما تتصاعد أزمة تهريب السجائر في فرنسا، حيث تُقدّر خسائر الدولة بنحو 7 مليارات يورو سنوياً من عائدات الضرائب، في وقت تستفيد الشركات المصنعة للتبغ التقليدي من الوضع الراهن، ما يثير تساؤلات حول أولويات السياسة الصحية الفرنسية ومدى اتساقها مع أهداف حماية الصحة العامة.

وفي ظل هذا الجمود، يغيب الابتكار في السياسات الصحية، ويُستبعد الحل القائم على الموازنة بين الضبط والتنظيم، وبين توفير بدائل مدروسة تسهم في تقليل الضرر ومساعدة المدخنين على الإقلاع التدريجي.

اليوم، تبدو فرنسا أمام مفترق طرق حقيقي: إما أن تستمر في اتباع سياسات فشلت في الحد من التدخين لعقود، أو أن تتبنى نهجاً علمياً حديثاً يوازن بين حماية المجتمع وتبني بدائل أقل ضرراً، كما فعلت دول نجحت في إنقاذ حياة الآلاف من المدخنين.

THE LEADERS
THE LEADERS