![]() |
محمد طلعت، نائب الرئيس لدِل تكنولوجيز لمنطقة السعودية ومصر |
المهن المدعومة بالذكاء الاصطناعي: مستقبل العمل بين التحديات والفرص
بقلم: محمد طلعت، نائب الرئيس لدِل تكنولوجيز لمنطقة السعودية ومصر
مع استمرار التحول الرقمي في إحداث تغييرات جذرية في الصناعات، يظل السؤال الذي يشغل الأذهان: "هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل وظيفتي؟" الإجابة ليست بالبساطة المتوقعة، حيث لا يهدف الذكاء الاصطناعي إلى استبدال البشر بقدر ما يعمل على تحويل سوق العمل وفتح آفاق جديدة. وبينما قد تصبح بعض المهام التقليدية آلية، فإن مجالات وظيفية جديدة تنشأ، تتطلب مهارات مبتكرة في الذكاء الاصطناعي والخبرة الرقمية.
وفقًا لتوقعات المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن سوق العمل يشهد تحولًا كبيرًا، حيث يُتوقع أن تُخلق 69 مليون وظيفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، خاصة في مجالات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. يتخطى تأثير الذكاء الاصطناعي مجرد تحسين الكفاءة إلى إعادة صياغة المهارات المطلوبة في سوق العمل.
من أبرز المهن الناشئة تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي مثل مدربي الذكاء الاصطناعي، مهندسي البيانات، ومخططي استراتيجيات الذكاء الاصطناعي. هذه الأدوار تذكّر بالثورات التكنولوجية السابقة، مثل اختراع الحاسوب والجرار، والتي أعادت هيكلة القوى العاملة، لتفسح المجال أمام وظائف ذات قيمة أعلى.
بدلًا من تهديد الوظائف، يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز المهارات البشرية، خاصة المهارات التي لا يمكن استبدالها مثل التفكير النقدي، الإبداع، والتواصل. مع ظهور وظائف جديدة مثل مدربي الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات واستراتيجيي الذكاء الاصطناعي، تصبح المهارات البشرية والذكاء الاصطناعي مكملين لبعضهما.
في مجالات مثل الأمن السيبراني، ينتقل الخبراء من المهام التقليدية إلى تحليل التهديدات وتصميم استراتيجيات جديدة بمساعدة الذكاء الاصطناعي. أما في الرعاية الصحية، فيسهم التعاون بين الذكاء الاصطناعي والمتخصصين السريريين في تطوير أدوات تشخيصية مبتكرة لتحسين رعاية المرضى.
يخلق الذكاء الاصطناعي وظائف جديدة تعكس احتياجات السوق المتغيرة، ومنها:
- السباكون الحراريون: متخصصون في تحسين كفاءة الطاقة في مراكز البيانات.
- وكلاء الذكاء الاصطناعي: يصممون ويديرون الوكلاء المدعومين بالذكاء الاصطناعي لضمان التفاعل السلس بين البشر والآلات.
- مهندسو البيانات: يضمنون تكامل البيانات ودقتها لتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي.
- صنّاع سياسات الذكاء الاصطناعي: يضعون معايير أخلاقية لتوجيه استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الحساسة.
- فنيو دعم الذكاء الاصطناعي: يشرفون على صيانة وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
للنجاح في هذا العصر، يجب على المهنيين تطوير مهارات تتوازن بين الكفاءة التقنية مثل التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية، والمهارات الإنسانية كالتفكير الأخلاقي والقدرة على التكيف. كذلك، تلعب الشركات دورًا رئيسيًا في تعزيز التعلم المستمر وتشجيع الموظفين على اكتساب معارف حديثة من خلال ورش العمل والشهادات.
تعتمد القيادة الناجحة في عصر الذكاء الاصطناعي على رؤية شاملة تعزز التنوع والإبداع. على سبيل المثال، تعتمد دل تكنولوجيز على برامج تدريبية لإعداد موظفيها للتعامل مع تحديات الذكاء الاصطناعي، مما يخلق بيئة عمل تعزز التعاون بين البشر والآلات.
في ظل التحولات الكبرى التي يقودها الذكاء الاصطناعي، يجب على الأفراد والشركات العمل معًا لاغتنام الفرص المتاحة. من خلال الاستثمار في المهارات الجديدة وتعزيز بيئات العمل المتنوعة والشاملة، يمكن تحقيق توازن مثالي بين القدرات البشرية والإمكانات التكنولوجية، مما يضمن الازدهار في سوق العمل المستقبلي.